أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلاً من غفور رحيم .
عباد الله00000 إن الحياة مهما طالت أيامها00000 وتتابعت سنينها وأعوامُها00000 فلابد للإنسان أن يرتحل عنها0000 وأن يودع أصحابها وأهلها.
في ساعة هي آخر الساعات,0000 ولحظة هي آخر اللحظات,00000 ووقفة هي آخر الوقفات, يقف الإنسان عند آخر أعتاب هذه الدنيا,00000 فينظر إلى الأصحاب والأحباب,0000 ينظرُ إلى الأبناء والبنات,00000 ينظر إلى الإخوان والأخوات,0000000 فكأن الحياة طيف من الخيال,00000 وكأنها ضرب من الأحلام.
في ساعة يقف فيها المؤمن 000000 لكي تطوى عليه صحائف الأعمال والأقوال000000 وقد رضي عن ذي العزة والجلال,00000 مليئة بالخيرات والباقيات الصالحات.
يقف العبد الصالح 00000عند آخر هذه الدنيا 00000 في ساعة يؤمن فيها الكافر, 0000ويوقن عندها الفاجر0000 وتزول عندها الأوهام,00000 وتتبدد عندها الأحلام,0000 فيقف المؤمن تلك الوقفة بين حزنين عظيمين :
أما الحزن الأول فإنه ينظر إلى أبنائه وما خلف في هذه الدنيا0000000ينظر إلى ذريته الضعيفة,000000 من يعولهم من بعده ؟ 00000من يرحمُ ضعفهم ,0000000من يجبر كسرهم بعد الله جل جلاله 000000فتستولي عليه الأشجان والأحزان ,000000 ينظر إلى عظيم تفريطه في جنب الله جل جلاله,0000 يتذكر الساعات واللحظات00000 وما كان فيها من هنات وزلات, 00000فلا يدري أغفر الله ذنبه وستر عيبه ,00000 أم سيلقى الله جل جلاله بما كان ؟
أما الحزن الثاني فينظر أمام عينيه0000000 إلى دار غير داره00000 وحياة غير حياته 00000ينظر إلى دار لا يدري ما الذي سيكون فيها0000000
يقف العبد هذه الوقفة العظيمة00000 فينظر الله إليه وهو أرحم الراحمين00000 ينظر الله إليه وهو الحليم الرحيم نزلاً من غفور رحيم 00000 تتنزل عليه ملائكة الرحمن تُبشره بما عند الله من الروح والريحان والجنان 0000 وأن الله راض عنه غير غضبان 000000فيحن إلى لقاء الله00000 ويشتاق إلى الرحيل0000 لكي يقف بين يدي الله جل جلاله00000 ويبشره الله جل وعلا بأن ذريته من بعده محفوظة 0000نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة0000000 فيتولى الله جل جلاله ذرية العبد الصالح .
هذا موسى بن عمران ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ معه الخضر يرفعان الجدار فيقول الله جل جلاله حكاية عن الخضر : وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحًا 0000 حفظ الله ذرية العبد الصالح بعد موته000000 فيبشرهم الله جل جلاله بعدم الخوف على الذرية وأن الله وليهما إن ولييَّ الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين .
من كان في هذه الحياة على استقامة فإنه لا يرى عند موته خزيًا ولا ندامة يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة .
من كان في هذه الحياة على استقامة أصلح الله أمره00000 وأحسن له عاقبته00000 وتنزلت عليه الملائكة بالبشائر00000 فابتهج وسر وظهر السرور على وجهه00000 تراه مشرق الوجه مسرورًا.
ومن علامات حسن الخاتمة أن ترى وجهه أشرق ما يكون عند الموت00000 وأبيض ما يكون عند السكرات حتى يلقى الله جل جلاله000000 فيرى من رحمته ما لم يخطر له على بال قال (ص ): ((هو العبد الصالح إذا نزلت عليه الملائكة فبشرته بما عند الله من الرحمة اشتاق إلى لقاء الله وأحبه فأحب الله لقاءه))0000000كيف إذا لقي الحبيب حبيبه ؟
من كان في هذه الحياة على استقامة ثبت الله قلبه عند الموت فيرى بشائر ورحمات لم تخطر له على بال واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين .
حضر الموت إمامًا من أئمة السلف, الإمام مالكًا جلس أربعة أيام مغمى عليه000000 فلما أفاق في اليوم الرابع قالوا: يا أبا عبد الله كيف حالك؟ قال: إني أرى الموت, ولكنكم سترون من رحمة الله ما لم يخطر لكم على بال.
الظن بالله حسن, فمن كان على استقامة في هذه الدنيا فإن الله يختم له بخاتمة السعداء00000 فلا يزال لسانه رطبًا بذكر الله حتى تأتيه سكرة الموت000000000 فيكون آخر كلامه لا إله إلا الله, قال (ص) : ((من كان آخر كلامه من الدنيا: لا إله إلا الله دخل الجنة))], ووقف النبي على أبي طالب فقال: ((يا عم قل كلمة أحاج لك بها بين يدي الله)0000 لا يزال المؤمن في استقامة حتى يختم الله له بخاتمة الصلاح00000 ويختم الله له بخاتمة الفلاح والنجاح000000 فمن وطن نفسه على الصالحات والباقيات الطيبات المباركات أتاه الموت على خصلة من خصالها00000 فهذا يموت ساجدًا00000 وهذا يموت راكعًا000000 وهذا يموت بارًا بأمه00000 وهذا يموت في سفره يصل رحمه فيختم له بخاتمة السعداء00000 فمن علامة حسن الخاتمة أن يموت العبد على عمل من الأعمال الصالحة0000 من ذكر الله جل جلاله0000 أو غير ذلك من صلاة, وصيام, وعبادة, وقيام.
ومن علامة حسن الخاتمة للمستقيمين أن تكون خاتمتهم أشرف الخواتم وأحبها إلى الله جل جلاله00000 ألا وهي خاتمة الشهادة في سبيل الله جل جلاله 00000فمن ختم الله له بالشهادة كان له من الله الفضل والزيادة0000 من ختم له بخاتمة الشهادة تأذن الله برفعته وزيادة قال عن الشهيد: ((يغفر له عند أول قطرة من دمه)), فتُغفر جميع ذنوبه0000 وتُغفر جميع عيوبه0000 فيلقى الله نقيًا من الذنوب000 ويؤمن الفزع الأكبر000 كذلك يُجار من عذاب القبر وروحه في حواصل طير خضر في الجنة تشرب من أنهارها0000 تأوي إلى قناديل معلقة في العرش0000 كما ثبت عن النبي (ص) : حتى إذا كان يوم القيامة بُعث الشهيد وجرحه يثعب دمًا0000 اللون لون الدم00000 والريح ريح مسك, يلقى الله جل جلاله بدمائه وأشلائه وأعضائه تحاج له بين يدي الله سبحانه وتعالى0000 ويُشفع في سبعين من أهله000 ويزوج بسبعين من الحور العين .
يا لها من كرامة أعدها الله جل وعلا للأولياء0000 واختارها للمتقين الأصفياء0000 إنها الاستقامة التي يبتدؤها المسلم في حياته0000 فتكون أول وقفة منك أيها المسلم أن تذكر بعدك عن الله0000 وطول غربتك عن طاعة الله0000 فتريق دمعة على التفريط في جنب الله.
تبدأ الاستقامة بدمعة من دموع الندم,0000بدمعة من دموع الحزن والألم على ما كان من الذنوب والهنات00000 وعلى ما كان من الذنوب والسيئات0000000 تبدأ الاستقامة من هذه اللحظة حينما تعلن الإنابة والتوبة وتعزم على أن تسير إلى الله لعل الموت أن يأتيك على طاعة من طاعة الله 000000إلى متى الصدود عن الله0000 إلى متى البعد عن الله؟ تبدأ الاستقامة بالمسارعة إلى الخيرات00000 والمسابقة إلى الباقيات الصالحات0000 تبدأ الاستقامة حينما تقترب من الصالحين0000وتحب الأبرار والمتقين000 فتحشر معهم يوم الدين 00000تبدأ الاستقامة عباد الله حينما يخاف الإنسان مما بقي من عمره000000 فيسأل ربه العفو عما سلف وكان0000000 ويسأله الإحسان فيما بقي من الأزمان0000 فإلى الله عباد الله فإنه لا ملجأ ولا منجا من الله إلا إلى الله .
اللهم إنا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا0000 وتغفر بها ذنوبنا00000 وتستر بها عيوبنا00000 اللهم أصلح أحوالنا00000 اللهم خذ بنواصينا إلى ما يرضيك عنا00000 اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى, وصفاتك العلى أن تختم لنا بخاتمة السعداء00000 اللهم اختم لنا بخير0000000