الحـــــــفاظ على النعـــــم

يقول الله تعالى في كتابه العزيز:إِنَّ
اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ
وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن
دُونِهِ مِن وَالٍ .

هذه الآية مفتاح من مفاتيح العلاقة بين
الله وخلقه0000 هذه الآية سنة كونية يسطرها لنا الباري عز وجل في كتابه حتى نكون
على بينة0000 وحتى لا نبتعد عن الجادة ونتوه عن الصواب0000 وحتى لا نضيِّع
العروة الوثقى. هذه آية تمثل معادلة ثابتة مفادها أن الله لن يغير حال قوم من
وضع مرضي مريح إلى وضع ضنك مذموم أو العكس إلا إذا غير هؤلاء القوم ما في
قلوبهم0000 فإذا وجهوا قلوبهم إلى مولاهم وامتثلوا أوامره 0000 وابتعدوا عن نواهيه
غيّر الله حالهم إلى أحسن حال0000 وإذا توجهت قلوبهم إلى الشهوات وارتكست أنفسهم
في حمأة الرذيلة غيّر الله حالهم إلى أسوأ حال،

يقول سبحانه: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ
هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ
مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى .

هذا القانون الإلهي ـ عباد الله ـ يعلمنا أننا
لكي ننعم بحياة آمنة مرضية يأتينا رزقنا رغدًا فإننا لا بد أن نتفقد قلوبنا 0000ونتفقد
علاقتنا بمولانا0000 لا بد أن نرضي مولانا عز وجل0000 وعبثًا نحاول أن نصلح
أحوالنا إذا نسينا هذا القانون الإلهي أو تجاهلناه0000 فسنن الله سبحانه لا
تتغير ولا تتبدل،

سُنَّةَ اللَّهِ
فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً .

كثيرا ما يتذمر الناس من ضيق الرزق0000
وكثيرا ما يتذمرون من واقع الحال إذا لم يكن مواتيا لهم0000 ولكنهم قليلا ما
يسألون أنفسهم أو يسائلونها: ما حالها مع خالقها ومع بارئها؟ هل انصاعت له حتى
تنصاع لها الأمور؟0000 وهل انقادت له حتى تنقاد لها الأسباب؟0000 هل فارقت
أهواءها وشهواتها؟0000 هل نظرت إلى الدنيا نظر من علم حقيقتها وقدرها ونظر من
علم أنه سيفارقها إلى لقاء مولاه وخالقه سبحانه؟0000 هل سعت إلى إصلاح حالها كي
تنصلح أحوالها؟0000

يقول (ص) : ((من كانت
الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن
كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا
إلا ما قدر له)) .

إن الله إذا غيّر حال الناس من الشر إلى الخير
فبشيء فعلوه0000 وإذا غيّر حالهم من الخير إلى الشر فبشيء فعلوه

0000 يقول سبحانه: ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً
أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ .

ما بالنا ـ إخوة الإيمان ـ نتخبط 00000ونشرد
عن آيات هذا الكتاب000000 الذي ينير لنا الطريق ويعطينا الدواء الشافي لكل داء
يلم بنا ؟!

إِنَّ
هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ
الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا .

إن الله سبحانه غيّر حال أقوام من الضعف
إلى القوة 0000ومن الذل إلى العز لما رجعوا إليه واتقوه00000 يقول سبحانه ممتنا
على المهاجرين من أصحاب رسول الله الذين فارقوا ديارهم وضحوا بأموالهم في سبيل
دينهم،

يقول سبحانه: وَاذْكُرُواْ
إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن
يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ
الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ،

قال قتادة : "كان هذا الحي من العرب أذل
الناس ذلاً0000 وأشقاه عيشًا 0000 وأجوعه
بطونًا0000 وأعراه جلودًا0000 وأبينه ضلالاً0000 من عاش منهم عاش شقيًا0000 ومن
مات منهم ردي في النار0000 يؤكلون ولا يأكلون0000 واللّه ما نعلم قبيلاً من حاضر
أهل الأرض يومئذ كانوا أشر منزلاً منهم0000 حتى جاء اللّه بالإسلام0000 فمكّن به
في البلاد0000 ووسع به في الرزق0000 وجعلهم به ملوكًا على رقاب الناس0000
وبالإسلام أعطى اللّه ما رأيتم0000 فاشكروا اللّه على نعمه0000 فإن ربكم منعم
يحب الشكر0000 وأهل الشكر في مزيد من اللّه" .

إن الله ينزل
نصره على عباده إذا هم توكلوا عليه وأسلموا الأمر إليه واستجابوا لأمره0000 يقول
سبحانه عن طالوت ومن معه من المؤمنين الذين جاوزوا النهر لملاقاة جالوت وجنده

0000 يقول
سبحانه: فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ
وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ
وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللهِ كَم مِّن
فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ
الصَّابِرِينَ وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا
أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ
الْكَافِرِينَ فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ
وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلاَ
دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ
اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ تِلْكَ آيَاتُ اللهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ
بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ

0000 هكذا
يتغير الحال من حال الضعف إلى حال القوة إذا أناب العباد إلى الله ووحدوه0000
وهكذا ينصرهم سبحانه0000 وكيف لا ينصر الله عباده المؤمنين 0000وقد جعل نصرهم
حقا لازما عليه سبحانه حيث يقول: وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ؟!

إن الله
سبحانه يغير حال الفقر إلى حال الغنى 0000وييسر الأرزاق إذا غيّر الناس ما
بأنفسهم0000 فوثقوا فيما عند الله0000 وابتعدوا عن الحرام0000 وسعوا إلى طلب
الحلال0000 يرزقهم إذا حققوا التقوى والتوكل0000

فهو القائل: وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ
مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ
اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا .

لا يمكن طلب الرزق بدون توكل على الله0000
ويقين كامل بأن المخلوقين مهما عظموا لا يملكون من رزق العبد شيئا0000 فإذا غاب
التوكل اختلطت الأمور 0000وساء الحال

يقول ( ص ) : ((لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير؛
تغدو خماصا وتروح بطانا)) .

إن الله يرزق عباده ويزيدهم من فضله 0000إذا
هم شكروه على نعمه 0000وبذلوا منها في سبيله

يقول سبحانه: وَإِذْ
تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ
عَذَابِي لَشَدِيدٌ .

يأتي الرزق الطيب ويتيسر ـ عباد الله ـ بقدر
الرجوع إلى الله وبقدر خشيته وبقدر معرفة حق الله في المال0000 أما إذا خبثت
النفوس وابتعد الناس عن جادة الحق فإن الأرزاق تتعسر وتصعب0000

يقول سبحانه: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ
رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ
الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ.

إن البركات لا تنزل إلا حيث يريد الله عز
وجل0000 والبركات ليست في كثرة العرض0000 ولكن في العيشة الراضية وتيسر الأمور.
هذه البركات ينزلها الله سبحانه ويفتحها على عباده من السموات والأرض إذا أحلوا
الإيمان في قلوبهم محل الكفر0000 والفجور واتقوا ربهم عز وجل حق تقاته0000

يقول سبحانه: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ
لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن
كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ .